اخبار

تقرير أمنُ غزة .. منظومة مُتماسكة هزَمت المؤامرات

 

ينعُم قطاع غزة بحالة فريدة من الأمن والاستقرار، لم تكن طريق ترسيخها مفروشةً بالورود، فمنذ تشكيل الحكومة الفلسطينية العاشرة في مارس/ آذار 2006، واجهت وزارة الداخلية والأمن الوطني وأجهزتها الأمنية والشرطية، تحدياتٍ أمنية كبيرة، وتعرضت لموجات من العبث الأمني، وضربات مؤلمة أُريد من ورائها إفشال مسيرة إعادة ترميم وبناء المؤسسة الأمنية والشرطية، والحيلولة دون تحقيق الأمن والاستقرار المفقود منذ سنوات.

لكن رجالاً أشداء مُخلصين، مُتسلحين بعقيدة وطنية سليمة، أخذوا على عاتقهم التصدي لكل تلك المؤامرات التي حيكت على طاولة الاحتلال وأعوانه، ليُرسوا قواعد صرحٍ أمنيّ وطنيّ خالص، بعد إنهاء حالة الفوضى والفلتان الأمني التي سادت قطاع غزة، وبدء مرحلة جديدة من الاستقرار الأمني منذ منتصف 2007، مثّلت مفخرةً أقرّ بها العدو قبل الصديق.

وخلال الأسابيع الأولى من فرض حالة الأمن والاستقرار، نجحت الأجهزة الأمنية في تحقيق إنجازات مهمة، على طريق تثبيت السلم الأهلي والمجتمعي، فأنهت العديد من ظواهر الفوضى وانعدام الأمن، وقضت على تغول الأجهزة الأمنية على الشعب، وأنهت حالة سلاح العائلات والفلتان الأمني، ونجحت بتفكيك قضايا أمنية عالقة من سنوات سابقة.

عدوان 2008.. ضربة البداية

مع بدء العدوان الشامل على قطاع غزة نهاية عام 2008، صنّف الاحتلال الإسرائيلي المنظومة الأمنية الوليدة في غزة كأحد الأهداف المراد ضربها بالعدوان، فصبّ أطنان قنابله المتفجرة لتُدمّر جميع المقرات الأمنية والشرطية خلال دقائق معدودة، وتُسقط المئات من قادة ومنتسبي الوزارة ما بين شهيد وجريح، وفي مقدمتهم مدير عام الشرطة اللواء الشهيد توفيق جبر، ومدير عام جهاز الأمن والحماية العميد الشهيد إسماعيل الجعبري.

لكن متانة البناء، وحيوية القيادة، أنقذت تلك المنظومة الأمنية من السقوط، فلملمت جراحها، وما هي إلا ساعات قليلة، حتى استعادت الأجهزة الأمنية والشرطية عافيتها، وامتلكت زمام المبادرة، لتدير شؤون الناس وتنظم حياتهم خلال العدوان، وتدعم صمود الشعب وثبات المقاومة على مدار 21 يوماً، حتى اندحر الاحتلال وجرّ أذيال فشله وعجزه، لتُسجل غزة مشهد صمود أسطوري، كان فُرقاناً ما بين مرحلة وأخرى.

التشدّد الفكري.. ستار جديد للفوضى!

بعدما سجّلت المنظومة الأمنية نجاحاً في إفشال العدوان الإسرائيلي، ولم تكد تشرع بمسيرة الإعمار والتأسيس، حتى أطلّت بوادر التخريب من باب آخر وهو التشدد الفكري، فخرجت بعض الجماعات التي كانت ترمي لإثارة القلاقل وإعادة إنتاج الفلتان بثوب جديد، مدعومة من جهات مخابراتية خارجية، مُستغلة الحالة الفطرية لأهل غزة بالتديّن والالتزام.. فسعت إلى إشاعة الفوضى، وعرقلة مسار الأمن والطمأنينة.

لكن.. أنّى لذلك أن يحدث، فعقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، وقد كانت الأجهزة الأمنية مُتفطنة باكراً لمثل هذه السيناريوهات، فعملت على معالجة تلك الحالات.. بقوة القانون تارة، وبالمعالجة الفكرية والنفسية والاجتماعية تارات أخرى، لتصوب المسار، وتقضي على الفتنة في مهدها.

ولعل أبرز تلك المعالجات في فترة ما قبل العدوان وما بعده:

– فبراير 2008: إحباط محاولة تفجير انتحاري استهدف رئيس الوزراء آنذاك إسماعيل هنية، خلال حفل تكريم حجاج بيت الله الحرام.

– أغسطس 2009: إنهاء تمرّد الجماعة المُسلحة في رفح، التي ادّعت السعي لإقامة “خلافة إسلامية”.

– أبريل 2011: إلقاء القبض على قتلة المتضامن الإيطالي “فيتوريو أريغوني”، وتقديمهم للمحاكمة.

(2012، 2014) عدوان إسرائيلي مُتكرر.. قابله صمود أسطوري

– استمرت محاولات الاحتلال الإسرائيلي للنيل من ثلاثية الصمود التي عزّ نظيرها (الشعب، المقاومة، المؤسسة الأمنية)، فعلى مدار العدوان المتكرر خلال عامي 2012 و2014، أثبتت المنظومة الأمنية صلابتها ومنعتها، بفضل وقوفها سنداً متيناً للمقاومة الباسلة، ودرعاً حامياً لشعبها، فعززت صمود الشعب وثبات مقاومته، برغم وقوعها في قلب الاستهداف الإسرائيلي.

– حافظت الأجهزة الأمنية، خلال العدوان، على أداء واجبها الوطني والإنساني تجاه أبناء شعبها، في حفظ الأمن، وتمتين السلم المجتمعي، وحماية حالة التعاضد الأهلي.

– وجّهت الأجهزة الأمنية ضربات قوية لعملاء الاحتلال، وأحبطت العديد من عمليات استهداف المقاومة ومقدراتها، وكانت شريكاً أميناً لها.

– عملت وزارة الداخلية وأجهزتها على تأمين الجبهة الداخلية، وتوفير المواد الغذائية والتموينية، والسلع الأساسية، بما عزز الأمن الاقتصادي والغذائي خلال العدوان.

مخططات إجرامية.. أحبطتها العيون الساهرة

حالة استتباب الأمن والاستقرار في غزة، لم ترُق لغربان الليل السوداء، التي ما فتئت تُحيك المؤامرات والفتن، لتصوير غزة في ثوب الفوضى وانعدام الأمن، لكن الأجهزة الأمنية الباسلة أثبتت قدرتها وكفاءتها في كل المحطات، وتمكنت من كشف هذه المؤامرات، لتقلب السحر على الساحر.

إحباط تفجير سيارة مفخخة بسوق الشجاعية:

– بتاريخ 10 يونيو 2015، أعلنت وزارة الداخلية والأمن الوطني إحباط مخطط إجرامي استهدف تفجير سيارة مفخخة في سوق الشجاعية شرق مدينة غزة، ونشرت اعترافات الأشخاص المتورطين في الحادث، بدعم من أجهزة مخابرات معادية.

تفجيرات “الحمد الله” و”أبو نعيم”.. ووأد الفتنة:

– 29 أبريل 2018: نشر جهاز الأمن الداخلي تفاصيل جريمتي محاولة اغتيال اللواء توفيق أبو نعيم وكيل وزارة الداخلية بتاريخ 27 أكتوبر 2017، وتفجير موكب رئيس الحكومة السابق رامي الحمد الله بتاريخ 13 مارس 2018، والتي أريد من ورائهما تخريب جهود المصالحة الداخلية الفلسطينية.

– وتضمنت التفاصيل نشر اعترافات عدد من الأشخاص المتورطين في الجريمتين، واللتين تقف خلفهما أجهزة مخابرات معادية، بهدف خلط الأوراق وبعثرة مساعي إنهاء الانقسام الفلسطيني، إلا أن الأجهزة الأمنية تمكنت من كشف خيوط المؤامرة، وفضح من خطط لها.

اغتيال “فقها”.. أسلوب جديد.. قابلته قبضة من حديد

– بتاريخ 24 مارس 2017، اغتال الاحتلال الإسرائيلي الأسير المحرر مازن فقها، عن طريق أحد عملائه باستخدام مسدس كاتم للصوت، أثناء تواجد الشهيد في سيارته أمام البناية السكنية التي يسكن بها بحي تل الهوا جنوب مدينة غزة.

– مثّلت تلك الجريمة تحدياً من نوع جديد للأجهزة الأمنية في غزة، فلأول مرة يتم الاغتيال بإطلاق النار من داخل القطاع، وليس استهدافاً عن بُعد.

– بذلت الأجهزة الأمنية جهوداً مُضنية، وواصلت الليل بالنهار؛ من أجل كشف ملابسات هذه الجريمة، وإلقاء القبض على المتورطين فيها، وتمكنت خلال أربعين يوماً فقط من الوصول إلى الجناة، وإلقاء القبض عليهم، وتقديمهم للمحاكمة.

– وبذلك طوت الأجهزة الأمنية صفحةً خطيرةً أراد الاحتلال لها أن تكون بداية مرحلة جديدة لزعزعة الحالة الأمنية، لكن العمل المؤسسي والحس الأمني المتيقظ أثبت أن غزة جدار صلب عصيّ على الاختراق.

حدّ السيف.. تجليّات المنظومة المشتركة

– في 11 نوفمبر 2018، وقعت قوة إسرائيلية خاصة من وحدة “سييرت متكال” في شباك المقاومة الفلسطينية شرق مدينة خانيونس، حين ظنت أنه يمكنها اختراق أمن قطاع غزة دون دفع الثمن، فوقعت في شر أعمالها، وعادت تجر أذيال الفضيحة.

– فتلك الوحدة التي اعتادت اختراق عواصم العالم شرقاً وغرباً تحت جنح الظلام، لتسلب أسرار العرب والعجم.. انكشف سترُها، وبانت سوءتُها.. بفضل بأس رجال غزة.

– فقد أعلنت المقاومة أنها اكتشفت تسلل قوة إسرائيلية خاصة شرق مدينة خانيونس، بغرض زرع أجهزة تجسس، فصرعت قائدها، وأوقعت البقية ما بين قتيل وجريح، قبل أن تتمكن بصعوبة بالغة، من الإفلات تحت غطاءٍ ناريّ هائل من مدفعية الاحتلال وطائراته الحربية.

– وهنا، تجلّت وحدة التنسيق الميداني بين أجهزة أمن المقاومة، وبين الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، التي سخّرت جميع إمكاناتها الاستخبارية والأمنية تحت تصرّف المقاومة، وفي خدمتها، في سبيل كشف خيوط الجريمة الإسرائيلية، وتتبّع تحركات القوة الخاصة، وصولاً إلى اكتشاف “الكنز الاستخباري” الذي تحصلت عليه المقاومة من معلومات، وأحراز، ومعطيات، مثّل ضربة غير مسبوقة لاستخبارات الاحتلال وقوات نخبته الخاصة.

تفجير حاجزي الشرطة.. يزيدُنا إصراراً

– بتاريخ 27 أغسطس 2019: امتدت الأيدي الآثمة هذه المرة لتنال من رموز الأمن وأيقونة الهدوء والاستقرار، ليستهدف تفجيران انتحاريان حاجزين للشرطة جنوب وغرب مدينة غزة، راح ضحيتهما ثلاثة من الضباط والعناصر.

– على الفور باشرت الأجهزة الأمنية تحقيقاتها في الحادث، لتتوصل خلال أسابيع قليلة إلى هوية الجهات المنفذة والمُحرضة على تلك الجريمة النكراء.

– حيث أعلنت وزارة الداخلية بتاريخ 29 أغسطس 2019، أنها أحبطت مخططاً إجرامياً خطيراً أراد استهداف النسيج المجتمعي، وضرب العلاقة بين الفصائل الفلسطينية؛ لإدخال قطاع غزة في أتون الفوضى والفلتان، كان من ضمنه تفجير حاجزي الشرطة.

مسيرات العودة.. ساحةٌ أخرى للصراع

– شكّلت المسيرات الشعبية السلمية على البوابات الشرقية والشمالية لقطاع غزة ما بين عامَي 2018 و2019، ساحة جديدة للصراع الأمني المستمر بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وأجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي ومخابراته، حيث وقفت الأجهزة الأمنية في غزة سنداً للمتظاهرين، بتأمين الفعاليات، وتسهيل تحركها، وتقديم الخدمات الإنسانية في هذا الإطار.

– وقد أعلن جهاز الأمن الداخلي تمكنه من اعتقال عدد من عملاء الاحتلال، المكلفين بمراقبة المسيرات ومنظميها، وتقديم المعلومات عنهم، في إطار السعي لإحباط مساعي تلك المسيرات وإفشالها.

– ونشر “الأمن الداخلي” بتاريخ 30 مارس 2020، مادة مرئية تتضمن اعترافات العملاء المضبوطين، وتفاصيل مساعي أجهزة مخابرات الاحتلال لإفشال المسيرات الشعبية.

“العمليات النفسية”.. تجسيدٌ لحالة الإفلاس!

– وتجسيداً لحالة الإفلاس التي منيت بها أجهزة مخابرات الاحتلال، في النيل من المقاومة الفلسطينية وعناصرها ومقدراتها، لجأ الاحتلال إلى محاولات “الاغتيال المعنوي”، ضمن الحرب النفسية ضد عناصر المقاومة ونشطائها؛ بهدف التأثير على معنوياتهم وإشغالهم في أنفسهم.

– وفي 3 يوليو 2020، أعلنت وزارة الداخلية اكتشافها “خلية موجّهة” من الاحتلال الإسرائيلي أثناء قيامها بعمل تخريبي ضد عناصر المقاومة، واعتقلت أفرادها، وصادرت معدات تقنية ومبالغ مالية تابعة لها.

– وفي 22 يناير 2021، كشف جهاز الأمن الداخلي تفاصيل عمل تلك الخلية، في محاولة المساس المعنوي والنفسي بعناصر المقاومة، والتأثير عليهم، عبر تخريب مقصود لمنازلهم وممتلكاتهم، وتوصيل طرود بريدية مشبوهة تحمل رسائل تهديد من قبل الاحتلال.

كشف تفاصيل استشهاد الصيادين الثلاثة في بحر خانيونس

– بتاريخ 7 مارس 2021، وقع انفجار بقارب صيد في بحر خانيونس جنوب قطاع غزة، أسفر عن استشهاد ثلاثة صيادين من عائلة “اللحام”، حيث أعلنت وزارة الداخلية مباشرة تحقيق عاجل لمعرفة ملابسات الحادث.

– وخلال أيام قليلة، أعلنت الوزارة انتهاء عمل لجنة التحقيق في الحادثة، التي تم تشكيلها من قبل الجهات المختصة في الوزارة، وأجهزة أمن المقاومة.

– وقد كشفت الأجهزة المختصة خيوط الحادث باقتدار، حيث توصّلت اللجنة، وبالأدلة القاطعة، إلى أن الحدث ناتج عن انفجار حوامة “كواد كابتر” إسرائيلية مثبت عليها عبوة شديدة الانفجار، بعد أن علقت في شباك الصيادين.

 

هكذا.. تُثبت الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، أنها على قدر كبير من المسؤولية والاقتدار، في حماية الجبهة الداخلية وحفظ الأمن والاستقرار، فما تم نشره يمثل غيضاً من فيض الجهود الأمنية والاستخبارية المضنية، التي تُبذل في الليل والنهار، من أجل السهر على أمن الوطن والمواطن، وتبقى الكثير من الجهود الأخرى قيد الكتمان لاعتبارات أمنية ومجتمعية.. لتعيش غزة آمنة مطمئنة.

تابعونا على الحسـابات التالية ليصلكم كل جديد

|| صفحة فيسبوك || جروب فيسبوك ||  قناة تيلجرام ||  صفحة تويتر  ||

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock