اخبار

حسابات تمنع الانفجار

 

 

الإعلامي الفلسطيني :

 

على رغم أن «مسيرة الأعلام»، التي شهدتها أحياء مدينة القدس المحتلة، قبل يومين، هي واحد من أكبر الأحداث التي يسجّلها التاريخ التهويدي المعاصر للمدينة منذ عام 1967، مضى نهار يوم أمس ثقيلاً، سواء بسبب السلوك الإسرائيلي من جهة، أو ردود الفعل الفلسطينية غير المتناسقة مع الحدث من جهة أخرى، وخصوصاً أن المقاومة في غزة لم تنفّذ تهديداتها بحماية المكتسبات التي أرستها معركة رمضان 2021، فيما أظهرت حكومة الاحتلال بتبايناتها السياسية كافة، موقفاً موحداً يقضي بضرورة أن تقام المسيرة من دون تغيير في خطّ سيرها، أو تفريغٍ من مضمونها.

ووفقاً لموقع «سروجيم» العبري، فقد شارك 50 ألف مستوطن في «مسيرة الأعلام»، في أكبر استفزاز عايشه المقدسيون خلال العشرين عاماً الماضية على الأقلّ. منذ الساعة السابعة صباحاً، أكد عضو «الكنيست»، إيتمار بن غفير، أنه سيقتحم المسجد الأقصى. وفي تمام الساعة الثامنة، كان النائب الأكثر تطرّفاً واستفزازاً يتجوّل في ساحات الحرم القدسي، مُوجّهاً رسائل بدت مدروسة جيداً: «اقتحمْت اليوم المسجد الأقصى في يوم القدس، لن نستسلم لتهديدات المنظمات الإرهابية، نحن أصحاب المكان».

وحتى الساعة الثانية عشرة ظهراً، كان الميدان في القدس قد شهد أحداثاً استفزازية تتجاوز ما حدث خلال شهر رمضان كلّه؛ إذ نفذ العشرات من المستوطنين طقوس «السجود الملحمي»، ووصل رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، إلى الفعاليات، ورفع المئات من المستوطنين الأعلام الإسرائيلية في مقابل قبة الصخرة، وتجاوز عدد المستوطنين المقتحمين هامش الـ 1800 مستوطن، في أجواء احتفالية راقصة.

استبقت المقاومة معركة «سيف القدس» بخوضها عشرات الجولات في إطار «المعركة ما بين الحروب»

في ساعات الظهيرة الأولى، كلّ الأجواء الميدانية والسياسية كانت تشير إلى أن المقاومة تتهيّأ لتنفيذ فعل ما. مئات الطائرات المسيّرة الإسرائيلية تجوب الأجواء، أكثر من متحدّث باسم الفصائل أعلنوا في وقت متزامن فشل كل الوساطات الدولية الرامية إلى تهدئة الأوضاع، وعقب ذلك، غادر 12 مهندساً مصرياً يعملون في مشاريع بناء المدن الإسكانية، معبر رفح على نحو مفاجئ، ثمّ اتجهت الفصائل والأجهزة الأمنية إلى أعلى مستويات الاستنفار، وأُخليت المواقع العسكرية والمدنية المتوقّع استهدافها.

وفي لحظة واحدة، بدا كأن المقاومة اتجهت إلى إعادة التموضع من جديد، على الرغم من أن التوتر الذي تنقله شاشات التلفزة من القدس، وصل إلى أبعد مدى.

كوابح ردة الفعل

صحيح أن إسرائيل أرادت من صورة حدث أمس، نسف كل المعادلات التي أفرزتها معركة «سيف القدس»، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، نفتالي بينت، بدا كأنه كسب معركة الصورة، وخصوصاً بتأكيده أن «القدس لن تقسّم، وأنها عاصمة إسرائيل الأبدية»، إلا أنه في النهاية ثمّة وقائع ميدانية هي التي دفعت المقاومة إلى التروّي في ردّ الفعل:

– أولاً: حتى قبل الانطلاق الرسمي للمسيرة بساعتين، كانت كل الطائرات الإسرائيلية المسيّرة والحربية تجوب سماء غزة على نحو هجومي. وليس الحديث هنا عن المستوى التقليدي من الطلعات الجوية، وإنما عن مئات الطائرات المختلفة الطراز، والموضوعة في أقصى درجات الجهوزية، وخصوصاً أن فعاليات مناورة «عربات النار» لم تنتهِ بعد.

– ثانياً: في مقابل الحدود الشرقية للقطاع، عمد جيش الاحتلال إلى تسيير جولات مخادعة، لباصات نقل جنود فارغة، ومسيّرة عن بعد، كانت تطوف الشريط الحدودي في مدى الصواريخ المضادة للدروع التي تمتلكها المقاومة بوفرة، مثل «بي 29، والكورنيت، والماليوتكا»، في محاولة لاستجرار فعل، يقود إلى بدء الهجوم.

– ثالثاً: حملت تصريحات وسائل إعلام الاحتلال طابعاً جديداً، من قبيل ما ردّده عدد من مراسلي القنوات العبرية الموجّهة أمنياً: «اقتحمنا الأقصى، رفعنا الأعلام، وأدّينا الصلوات والرقصات، قمنا بأعلى مستويات الاستفزاز، لنرَ ما يمكن أن تفعله حماس».

كلّ ما ذكر سابقاً، والمتّصل بشكل أو بآخر بحالة التأهّب التي أسّست لها مناورة «عربات النار» منذ مطلع أيار الجاري، دفع بالمقاومة إلى خيار إعادة التموضع، وخصوصاً في ظلّ ما بدا لها من أن الاحتلال يستدرج الجميع إلى حرب، وهنا يمكن استحضار جملة من النقاط التي كانت حاضرة في عقلها حتماً:

– الفارق الزمني بين حرب عام 2021، والمعركة التي يحاول العدو فرضها اليوم، ليس كافياً بكلّ تأكيد لإعادة ترميم وجبر كلّ ما خلفته «سيف القدس» من ضرر على صعيد المقدّرات اللوجستية والخطط. لذا، فإن الذهاب إلى معركة استبقها الاحتلال بمناورات وضعت قواته البرية والبحرية والجوية على أتمّ الجهوزية، وحدد توقيتها سلفاً، وعمل على الاستدراج إليها، هو الانتحار بشكله الأسوأ.

 

 

تابعونا على الحسـابات التالية ليصلكم كل جديد

|| صفحة فيسبوك || جروب فيسبوك ||  قناة تيلجرام ||  صفحة تويتر  ||

مقالات ذات صلة

‫21 تعليقات

  1. It’s a shame you don’t have a donate button! I’d definitely donate to this fantastic blog! I suppose for now i’ll settle for bookmarking and adding your RSS feed to my Google account. I look forward to new updates and will share this website with my Facebook group. Talk soon!

  2. Once I initially commented I clicked the -Notify me when new comments are added- checkbox and now each time a comment is added I get 4 emails with the same comment. Is there any way you possibly can take away me from that service? Thanks!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock